الصفحة الرئيسية > على الهامش.. دراسات ومقالات للتØÙ…يل > كل شئ هادئ Ù ÙŠ ٠رنسا ! .. مصط٠ى نور الدين
كل شئ هادئ ٠ي ٠رنسا ! .. مصط٠ى نور الدين
مجلة الديمقراطية .. عدد شهر أغسطس ٢٠١٧ .. القاهرة
الثلاثاء 1 آب (أغسطس) 2017, بقلم
جسدت الانتخابات الرئاسية Ù ÙŠ ٠رنسا Ù ÙŠ مايو Ù¢Ù Ù¡Ù§ ØØ¬Ù… التØÙˆÙ„ات الجذرية التي كانت تختمر منذ عقود كنتيجة لسياسات النظام الرأسمالي التي اتسمت بالعقم بعدم مقدرتها على Ø¥ØØ¯Ø§Ø« تØÙˆÙ„ات كي٠ية لا اقتصاديا ولا اجتماعيا سواء Ù ÙŠ ظل Ø§Ù„Ø£ØØ²Ø§Ø¨ اليمينية أو Ø§Ù„ØØ²Ø¨ الاشتراكي. وقبل تناول ت٠اصيل الوضع ال٠رنسي الراهن والآ٠اق Ø§Ù„Ù…ØØªÙ…لة نوجز نتيجة الدورة الثانية للانتخابات وكي٠ية ت٠سيرها اجتماعيا وسياسيا.
Ø¨ØØ³Ø¨ وزارة الداخلية ال٠رنسية كان عدد المسجلين Ù ÙŠ قوائم الانتخابات Ù¤Ù§ مليون و٤٤٩ أل٠مواطن. ومن قاموا بالإدلاء بأصواتهم ٣٥ مليون و٤٠٨ أل٠مواطن ومن بين هؤلاء لم ØªØØ³Ø¨ أصوات Ù†ØÙˆ Ù¤ مليون إذ قاموا بوضع بطاقة بيضاء أو باطلة Ù ÙŠ الصندوق. وبلغ عدد من قاطعوا الانتخابات ١٢ مليون مواطن. بمعنى أخر ٠قد قاطع بشكل اجابي أو سلبي أكثر من ١٦ مليون مواطنا إما لر٠ضهم لكل من المرشØÙŠÙ† أو لتقديرهم أن هذا النظام الديمقراطي التمثيلي ليس أ٠ضل أشكال الديمقراطية.
وجاءت النتيجة Ø¨ØØµÙˆÙ„ ماكرون على ٦٦.Ù¡ ٪†من الأصوات أي ٢٠مليون ÙˆÙ§Ù Ù£ صوتا. بمعنى أدق أن من يمكن اعتبارهم اتباع ماكرون ØÙ‚ا هم من أعطوه أصواتهم Ù ÙŠ المرØÙ„Ø© الأولى من الانتخابات أي Ù¨.Ù¦ مليون مواطن. ومن Ù„ØÙ‚ به Ù ÙŠ المرØÙ„Ø© الثانية هم من Ø§Ù„Ø£ØØ²Ø§Ø¨ الأخرى ليØÙˆÙ„وا دون وصول اليمين المتطر٠للسلطة.
ÙˆØØµÙ„ت المنا٠سة "مارين لوبن" على ٣٣.Ù© ٪†من الأصوات أي ١٠مليون و٦٣٧ صوتا.
تلك السطور Ù…ØØ§ÙˆÙ„Ø© لقياس عمق تلك التØÙˆÙ„ات وخل٠ياتها الممتدة منذ Ù£ عقود من الزمن وبشكل أكثر Ù ÙŠ السنوات الراهنة.
٠الانتخابات الرئاسية والاقليمية، لاختيار عمد المدن والقرى، وكذا الانتخابات البرلمانية هي « ترمومتر » لقياس ردود ٠عل تعكس تغيرات Ù ÙŠ التوجهات السياسية. هذه التغيرات هي نتاج لسياسات اقتصادية واجتماعية وثقا٠ية مارستها الØÙƒÙˆÙ…ات المختل٠ة التي شكلتها Ø£ØØ²Ø§Ø¨ « مختل٠ة ايديولوجيا » ولكن Ù ÙŠ الواقع الاختلا٠٠يما بينها Ù ÙŠ الدرجة وليس Ù ÙŠ الكي٠٠ØÙŠÙ†Ù…ا تستقر Ù ÙŠ السلطة لا تØÙŠØ¯ عن السياسات الليبرالية الاقتصادية بأية ØØ§Ù„.
Ù Ù†ØÙ† أمام عدة ظواهر جديدة Ù ÙŠ المشهد السياسي. أولها تمثل Ù ÙŠ ٠قدان الثقة Ù ÙŠ Ø§Ù„ØØ²Ø¨ÙŠÙ† الكبيرين (ØØ²Ø¨ اليمين التقليدي ÙˆØ§Ù„ØØ²Ø¨ الاشتراكي) وليس ÙˆØ§Ø¶ØØ§ كي٠يمكن لأي من Ø§Ù„ØØ²Ø¨ÙŠÙ† العودة Ù„Ù„Ø³Ø§ØØ© السياسية بعد أن قضي عليهما تماما. ثانيا، الصعود الهائل لليمين المتطر٠العنصري. ثالثا، ظاهرة الالت٠ا٠ØÙˆÙ„ ØØ²Ø¨ جديد يعلن أن هويته لا يمنية ولا يسارية.
ولأنه لا يوجد ØØ²Ø¨ سياسي بدون ٠كر يتبناه كمØÙˆØ± للتباين عن غيره ويشكل قاعدته التي يدا٠ع عنها Ù ÙŠ كل نواØÙŠ Ø§Ù„Ù…Ø¬ØªÙ…Ø¹ وسمات هذا ال٠كر لها أهميتها غير أن الواقع الملموس اقتصاديا وثقا٠يا واجتماعيا هو الدالة التي ØªÙˆØ¶Ø Ø£Ø³Ø¨Ø§Ø¨ الانتماء لهذا Ø§Ù„ØØ²Ø¨ أو ذاك ولذلك نتعرض لبعض الت٠اصيل عن توزع المواطنين على اليمين Ø§Ù„Ù…ØªØ·Ø±Ù ÙˆØØ²Ø¨ "الجمهورية سائرة" ØØ³Ø¨Ù…ا أطلق عليه الرئيس "ماكرون" أخيرا.
وقد كش٠ت الانتخابات الرئاسية لعام Ù¢Ù Ù¡Ù§ بشكل كبير أن هذه الاختيارات طبقية بامتياز ÙˆÙŠØØ§ÙˆÙ„ البعض Ù†Ù ÙŠ أنها أيديولوجية وكأن هناك ان٠صال بين ما هو طبقي وما هو ايديولوجي. ٠نظرة على المناطق الجغرا٠ية التي ØÙ‚Ù‚ كل ØØ²Ø¨ ٠يها أعلى معدلات نجاØÙ‡ وكذا عن مستوى درجة التعليم والدخل وال٠رق بين المدن الكبرى والقرى والمدن الصغرى تظهر هذا التداخل بين ما هو طبقي وما هو أيديولوجي Ù ÙŠ الانتماء السياسي لهذا Ø§Ù„ØØ²Ø¨ أو ذاك.
ØÙ‚Ù‚ ØØ²Ø¨ الجبهة الوطنية، اليميني المتطر٠، توسعا هائلا Ù ÙŠ عدد من أدلوا بأصواتهم لرئيسته، مارين لوبن، ليتجاوز ١٠مليون مواطنا. أي شكل هؤلاء Ù†ØÙˆ ربع عدد المسجلين Ù ÙŠ قوائم الانتخابات البالغ عددهم Ù†ØÙˆ Ù¤Ù§ مليون مواطن (يصل عدد السكان Ù ÙŠ ٢٠١٦ إلى Ù†ØÙˆ Ù¦Ù§ مليون).
وتعتبر تلك الق٠زة ضع٠ما ØÙ‚قها "جان ماري لوبن" ØÙŠÙ†Ù…ا كان رئيسا Ù„Ù„ØØ²Ø¨ والمنا٠س للديجولي "جاك شيراك"ØŒ Ù ÙŠ Ù¢Ù Ù Ù¢ بعد خروج ممثل Ø§Ù„ØØ²Ø¨ الاشتراكي، "ليونيل جوسبان"ØŒ من تص٠ية الدورة الثانية.
ومن تØÙ„يل المعطيات Ù†Ù„ØØ¸ أن اليمين المتطر٠ØÙ‚Ù‚ أعلى ق٠زاته Ù ÙŠ المناطق ال٠قيرة والري٠ية والأقل عددا من ØÙŠØ« السكان. ٠قد وصلت نسبة من منØÙˆØ§ أصواتهم للجبهة الوطنية من أجمالي الأصوات إلى أكثر من ٤٤ ٪†٠ي المناطق التي لم يصل عدد سكانها إلى ٥٠٠ساكن ونØÙˆ ٤٠٪†للمناطق المأهولة بنØÙˆ ٢٥٠٠ساكن. وهكذا بالتدريج لتنخ٠ض إلى ما يقرب من ٢٣ ٪†٠ي المدن الكبرى التي يسكنها مائة أل٠ساكن أو أكثر.
وبشكل مناظر ٠إنه كلما كانت المنطقة الجغرا٠ية ثرية تنخ٠ض ٠يها نسبة تقدم الجبهة الوطنية والعكس صØÙŠØ. Ù Ù ÙŠ المناطق الثرية جدا Ù†Ø¬ØØª الجبهة الوطنية Ù ÙŠ ØØµØ¯ نسبة ٣٠٪†٠قط بينما بلغت تلك النسبة ٤٣ ٪†٠ي المناطق ال٠قيرة و٣٧ ٪†٠ي المناطق شديدة ال٠قر بالتأكيد لارت٠اع نسبة الذين لم يشاركوا Ù ÙŠ التصويت لتدني Ø§Ù„ØØ§Ù„Ø© التعليمية أو لعدم اهتمامهم بالشأن العام أو لتقديرهم أن ذلك لن يغير من Ø§Ù„ØØ§Ù„ أو من كل ذلك معا.
أي أنه بشكل عام كلما كانت المنطقة أو المدينة ØØ¶Ø±ÙŠØ© قل تقدم الجبهة الوطنية Ù Ù ÙŠ باريس مثلا كانت نسبة من منØÙˆØ§ أصواتهم لهذا Ø§Ù„ØØ²Ø¨ Ù©.Ù¨ ٪†٠قط بينما Ù ÙŠ المنطقة الأدنى ØØ¶Ø±ÙŠØ© "لوكلوز" ٠بلغت النسبة Ù¨Ù Ùªâ€ Ù„ØµØ§Ù„Ø Ø§Ù„ÙŠÙ…ÙŠÙ† المتطر٠.
ÙˆÙ ÙŠ دراسات متعددة Ø£ØªØ¶Ø Ø£Ù† أكثر من ٦٤ ٪†من العمال ال٠قراء يمنØÙˆÙ† أصواتهم لليمين المتطر٠وهي ظاهرة تتكرر منذ سنوات نظرا لما لمسوه من سياسات Ø§Ù„ØØ²Ø¨ الاشتراكي الذي تداول السلطة مرات عديدة ولم ØªØªØØ³Ù† Ø£ØÙˆØ§Ù„هم ٠ان٠ضوا عنه وكذلك ان٠ضوا عن Ø§Ù„Ø£ØØ²Ø§Ø¨ الأكثر راديكالية لعلمهم أنها لن تصل أبدا للسلطة.
وتوصلت بعض دراسات استطلاع الرأي إلى أن الكوادر الذين يميلون Ù„Ù…Ù†Ø Ø£ØµÙˆØ§ØªÙ‡Ù… لليمين المتطر٠أقل ١٣٪†بينما إمانويل ماكرون ٠يميل إليه ٣٣ ٪†. وأن العمال يميلون إلى اليمين المتطر٠بنسبة ٤٠٪†وبنسبة ١٣ ٪†إلى "ماكرون". و٠يما يخص ٠ئات العمر بين (١٨-٣٤ سنة) ٠نسبة ٢٦ ٪†تميل لليمين المتطر٠و٢٢ ٪†إلى ماكرون.
غير أن المدهش Ù ÙŠ نتائج الانتخابات هو انخ٠اض عدد من منØÙˆØ§ أصواتهم لليمين المتطر٠من المناطق التي تتميز بعدد مهاجرين كبير. أي أنه برغم Ø§Ù„ØªÙ„ÙˆÙŠØ Ø§Ù„Ø¯Ø§Ø¦Ù… Ù ÙŠ برامج اليمين المتطر٠، منذ عقود، عن مخاطر الهجرة على الثقا٠ة والخصوصية ال٠رنسية وكسبب Ù ÙŠ ارت٠اع عدد العاطلين عن العمل ٠إن أعلى معدلات ØØµÙ„ عليها Ø§Ù„ØØ²Ø¨ هي تلك تنخ٠ض ٠يها أعداد المهاجرين عن المعدل الوطني. وتلك الظاهرة هي تأكيد لما سبق عرضه Ù ÙŠ السطور السابقة. ٠المناطق الري٠ية التي لا توجد بها أعداد كبيرة خصت اليمين المتطر٠بأعلى نسبة من الأصوات. وعلى النقيض المناطق Ø§Ù„ØØ¶Ø±ÙŠØ© التي يتركز ٠يها Ù†ØÙˆ ٨٠٪†من المهاجرين كانت الأصوات التي ØØµØ¯Ù‡Ø§ اليمين المتطر٠أدنى على بشكل كبير مع إستثاء لبعض المدن التي شكلت قواعد Ù„Ù„ØØ²Ø¨ من عشرات السنين.
لماذا ÙŠÙ…Ù†Ø Ø§Ù„Ù Ø±Ù†Ø³ÙŠÙˆÙ† أصواتهم للجبة الوطنية المتطر٠ة ØŸ
وهنا ÙŠØÙ‚ Ø·Ø±Ø Ø§Ù„Ø³Ø¤Ø§Ù„ خل٠هذه الظاهرة ÙˆÙ ÙŠ عدد من الدراسات والكتب Ù„Ø¨Ø§ØØ«ÙŠÙ† Ù ÙŠ الجغرا٠يا ÙˆØ§Ù„Ø£Ø¨ØØ§Ø« الاجتماعية نجد الإجابة بشكل واضØ.
٠التأكيد Ù ÙŠ تلك الدراسات يظهر أنه توجد "٠رنسا المركز" أي المدن Ø§Ù„ØØ¶Ø±ÙŠØ© Ùˆ"٠رنسا الهوامش أو الأطرا٠" أي المناطق الري٠ية. هذه التسمية تكاد تكون اقتباس من الاستخدام الذي استعمله سمير أمين Ù ÙŠ سبعينيات القرن الماضي عن المركز والهوامش ليعني بالمركز الدول الرأسمالية المتقدمة وبالهوامش المجتمعات التابعة المتخل٠ة.
وقبل التعرض لتلك النقطة تلزم الإشارة إلى معدل البطالة بلغ ١٠٪†من السكان Ù ÙŠ سن العمل ويضرب Ø´Ø±ÙŠØØ© المواطنين بين ٢٥- ٤٩ سنة. ويبلغ عدد العاطلين Ù†ØÙˆ Ù£ مليون مواطن وهو ما يشهد زيادة كبيرة بالقياس بعام ١٩٨٠ØÙŠØ« كان العدد Ù†ØÙˆ مليون و٢٠٠أل٠مواطن ٠قط شكلوا Ù†ØÙˆ Ù¥ ٪†من السكان Ù ÙŠ سن العمل كما هو Ø§Ù„ØØ§Ù„ دوما تتØÙ…Ù„ المرأة غالبية بين العاطلين وترت٠ع ٠قد كانت Ù†ØÙˆ Ù§ ٪†٠ي ١٩٨٠واليوم Ù©.Ù¥ ٪†.
ولت٠سير Ø£ØØ¯ أسباب التوجهات Ù ÙŠ اختيار اليمين المتطر٠عند العمال والمواطنين من ذوي التعليم المتدني أو بدون شهادات نشير أن نسبة البطالة تضربهم أكثر من أي ٠ئة اجتماعية أخرى. ٠هذه ال٠ئات نسبة البطالة بينها تصل إلى Ù†ØÙˆ ١٦.Ù¨ ٪†طبقا لمعطيات ٢٠١٥ Ù ÙŠ ØÙŠÙ† أن نسبة البطالة لدى الكادر هي Ù¤ ٪†٠قط.
وكما سبق كانت من الظواهر الهامة هو اتجاه ال٠قراء Ù„Ù…Ù†Ø Ø£ØµÙˆØ§ØªÙ‡Ù… لليمين المتطر٠. ويعر٠ال٠قر Ù ÙŠ Ø§Ù„Ø§ØªØØ§Ø¯ الأوربي Ù ÙŠ ٠ئتين قياسا بأقل من دخل شهري يقدر بأل٠يورو. ال٠ئة الأولى من ال٠قراء هم الذين يصل دخلهم إلى ٦٠٪†من هذا Ø§Ù„ØØ¯ المعين وال٠ئة الثانية التي يبلغ دخلها نص٠المبلغ مع ضرورة الإشارة إلى أن Ø§Ù„ØØ¯ الأدنى الصا٠ي للأجور يقترب Ù ÙŠ ٠رنسا من ١٣٠٠يورو.
وطبقا للمعطيات الرسمية لجهاز Ø§Ù„Ø¥ØØµØ§Ø¡Ø§Øª ال٠رنسي Ù ÙŠ ٢٠١٤ ٠إن Ù¢.Ù¨ مليون Ø·Ù Ù„ يعيشون Ù ÙŠ أسر دخلها الشهري أقل من أل٠يورو. وإذا جمعنا كل ٠ئتي ال٠قراء ٠إن عددهم يقترب من ١٤ مليون مواطنا.
.
والدراسات الØÙ‚لية التي يقوم بها « كريستو٠جيولوي » تكش٠عن تزايد ظاهرة الإهمال التي يتعرض لها سكان المناطق الري٠ية التي يطلق عليها « ٠رنسا الهامشية ». وتلك الظاهرة ناجمة أساسا عن العولمة المعممة التي تركز على Ø§Ù„ØØ¶Ø± على ØØ³Ø§Ø¨ الري٠. ٠كل الجهود موجهة للمراكز Ø§Ù„ØØ¶Ø±ÙŠØ© عبر تركيز الكوادر للدولة وللشركات والعمالة المهاجرة للخدمات.
ÙˆÙŠØµØØ¨ ظاهرة العولمة اغلاق المصانع ونقلها إلى بلدان أخرى ØÙŠØ« أجر العمالة منخ٠ضة وهو ما يترك سكان المناطق ال٠رنسية دون عمل. وذات الشيء يتمثل Ù ÙŠ التوسع Ù ÙŠ ذرع المØÙ„ات الكبرى « السوبر ماركت » Ù ÙŠ المدن الصغيرة وبالقرب من القرى وهو ما يتسبب Ù ÙŠ اغلاق المØÙ„ات الصغرى ٠يها وتØÙˆÙ„ بعض Ø£ØµØØ§Ø¨Ù‡Ø§ إلى أجراء Ù ÙŠ المØÙ„ات الكبرى و٠قدان الغالبية لأعمالهم. وينطبق الأمر أيضا على المدارس والمستش٠يات التي تغلق وتØÙˆÙ„ تلك المناطق Ù„ØµØØ±Ø§Ø¡ سكانية لا يتمتعون برعاية الدولة المركزية. يطلق Ø§Ù„Ø¨Ø§ØØ« على تلك الظاهرة « التمزقات الاجتماعية » وهي Ù ÙŠ عر٠ه من ناØÙŠØ© بين المركز والأطرا٠ومن ناØÙŠØ© أخرى نتاج الهجرة المتزايدة والتي ØªÙ…Ù†Ø Ø§Ù„Ø§ØØ³Ø§Ø³ لدى ال٠رنسيين « من ذوي اللون الأبيض » بأنهم ي٠قدون هويتهم.
.
وتلك ال٠كرة الأخيرة يقول بها بعض الكتاب الآخرين مثلما هو Ø§Ù„ØØ§Ù„ Ù ÙŠ كتابات « ميشيل ويلبيك » وخاصة لدى « رينو كامو » Ù ÙŠ « الإØÙ„ال الكبير » Ùˆ « تجرد Ø§Ù„ØØ¶Ø§Ø±Ø© » إذ يرى نهاية الثقا٠ة ال٠رنسية ÙˆØØ¶Ø§Ø±ØªÙ‡Ø§ وإØÙ„ال تلك التي ÙŠØÙ…لها المهاجرين Ù„ØªØµØ¨Ø Ø§Ù„ØºØ§Ù„Ø¨Ø©. هذه ال٠كرة تأتي نتيجة الانتخابات لتكذب صدق تأثيرها بشكل مطلق ØÙŠØ« كما ذكرت Ù ÙŠ السطور السابقة لم تكن هناك علاقة مباشرة بين التوجه لليمين المتطر٠وكثا٠ة تواجد المهاجرين Ù ÙŠ المدن والمناطق ال٠رنسية. ٠الأسباب تظل ØµØ§Ù„ØØ© ٠يما يتعلق بتأثير العولمة وما ØªØØ¯Ø«Ù‡ من هدم للبناء الاقتصادي والاجتماعي Ù ÙŠ تلك المناطق.
ØÙˆÙ„ اليمين واليسار وغموض أمره !
منذ عشرات السنوات يعاد Ø·Ø±Ø Ø§Ù„ØªØ³Ø§Ø¤Ù„ ØÙˆÙ„ الاختلا٠بين اليسار واليمين Ù ÙŠ ظل عالم تتØÙƒÙ… ٠يه آلية العولمة المعممة. ٠هل مازال خطاب اليسار مقبولا وم٠هوما من المواطنين ØŸ الم٠كر "جان كلود ميشيا" أخص المسألة بالعديد من كتاباته وأهمها « غموض أمر اليسار » Ùˆ « عدونا : رأس المال ». ٠الكاتب يرى أننا Ù†ØÙŠØ§ Ù ÙŠ « مجتمع مستهلكين Ù ÙŠ النزع الأخير » يتقلص عددهم بالتدريج ليصبØÙˆØ§ ØÙ نة مستهلكين هائلي الثراء ». ÙˆÙ ÙŠ هذا المجتمع يضع اليسار قضاياه مقلوبة. ٠أولوياته تذهب لمسألة « الزواج للجميع » أو « Ø¥Ø¨Ø§ØØ© Ø§Ù„ØØ´ÙŠØ´ » وتشييد أوروبا أساسا سلعية بدلا من التطرق Ù„ØØ§Ù„ العاملين المطØÙˆÙ†ÙŠÙ† Ù ÙŠ أشغال صعبة وظرو٠لا إنسانية. لقد أطلقت منذ سنوات Ù ÙŠ ÙˆØ§ØØ¯Ø© من مقالاتي عن الØÙ…الات الانتخابية أن اليسار يغازل "البناء Ø§Ù„ØªØØªÙŠ Ù„Ù„Ø¥Ù†Ø³Ø§Ù†" للتعبير عن تلك التوجهات التي تبعده عن القضايا الأساسية للمواطنين. بجانب أن هذا "اليسار" انشغل بقضية Ø§Ù„ØªØØ§Ù„٠ات الانتخابية ولم يهتم بتطوير لغة خطابه ليت٠همه العمال البسطاء Ù ÙŠ كل القطاعات ومن كل الاجناس. ÙˆÙ ÙŠ تقدير الم٠كر "آلان تورين" أن Ø§Ù„ØØ²Ø¨ الاشتراكي هو ما قام بت٠جير ن٠سه بسياسته الخاطئة المتتالية وخاصة التخلي عن سياسة تصنيع وق٠ل المصانع ونقل الصناعات إلى بلدان أخرى ØÙŠØ« تكل٠ة الانتاج أدنى وكذلك بهد٠التخلص من الطبقة العاملة. ٠اليسار لم ينشغل بالعمال اطلاقا.
وتلك قضية يتطرق لها باست٠اضة ال٠يلسو٠"آلان باديو" الذي يرى أن الديمقراطية التمثيلية غير ØÙ‚يقية إذ هي إشغال للمواطنين بتØÙ‚يق نزواتهم ال٠ردية من كل صن٠٠يتصورون أن تلك هي الديمقراطية. ٠المجتمع الاستهلاكي ÙŠÙ…Ù†Ø Ù‡Ø°Ø§ الوهم.نجد تلك ال٠كرة أيضا لدى "هربرت ماركوزه" Ù ÙŠ كتاباته خاصة "الإنسان ذو البعد Ø§Ù„ÙˆØ§ØØ¯" Ùˆ"إيروس ÙˆØ§Ù„ØØ¶Ø§Ø±Ø©" وكذا Ù ÙŠ كتابات "جي دي بور" وخاصة Ù ÙŠ كتابه "مجتمع ال٠رجة" ٠الديمقراطية التي تروج لها الرأسمالية هي تلك الأ٠كار التي تر٠ض أن يكون للشارع السياسي كلمته Ù ÙŠ أمور الØÙŠØ§Ø© وأن يترك الأمر كما هو Ø§Ù„ØØ§Ù„ للنخبة القادرة ماديا والمهيمنة على المؤسسات والشركات الكبرى المتعددة الجنسية ÙˆØ§Ù„Ø§ØØªÙƒØ§Ø±ÙŠØ©.
وليس هناك من اندهاش من سقوط ممثل Ø§Ù„ØØ²Ø¨ اليميني التقليدي وخروج مرشØÙ‡ "٠رنسوا ٠يون" من التص٠ية Ù ÙŠ الجولة الأولى ٠لقد شغل "٠يون" رئاسة الوزارة طوال ٠ترة ØÙƒÙ… الرئيس "نيكولا ساركوزي" الذي لم يتمكن Ù ÙŠ ٢٠١٢ من تجديد ٠ترة رئاسته التي تميزت بسياسات تقترب من اليمين المتطر٠. يضا٠لذلك ت٠جر قضية ٠ساد تخص "٠يون" ولم يتراجع برغم ذلك عن مواصلة ØÙ…لته الانتخابية ور٠ض الامتثال للقضاء ٠ظهر بصورة "شخص ٠وق القانون".
ماذا ÙŠØÙ…Ù„ ماكرون ل٠رنسا ØŸ
Ù†Ø¬Ø§Ø "إيمانويل ماكرون" يثير التساؤل ØÙˆÙ„ من يكون وما ال٠كر الذي ÙŠØÙ…له ٠عليا كشخص برغم أنه كان عضوا Ø¨Ø§Ù„ØØ²Ø¨ الاشتراكي ووزيرا للاقتصاد ٠إنه تقدم ÙƒÙ…Ø±Ø´Ø Ù„Ø§ يساري ولا يميني ! ٠ما هذا المخلوق السياسي الجديد ØŸ
يرى المؤرخ "جيروم بيريه" أنه يوجد تعدد ليبرالي ولا توجد ليبرالية ÙˆØ§ØØ¯Ø©. وأن "ماكرون" ليبرالي كمدا٠ع عن دولة القانون ÙˆØ§Ù„ØØ±ÙŠØ© ال٠ردية وقبول الاخر ٠هو يقترب من مدرسة "جون ستيوارت مل" إذ يجمع بين الليبرالية الكلاسيكية والليبرالية Ø§Ù„ØØ¯ÙŠØ«Ø© وبالتالي ٠هو يقترب من "الطريق الثالث" الذي تبناه عالم الاجتماع البريطاني "أنطوني جيدنس". "٠ماكرون" يتبنى ٠كرة ال٠رد Ø§Ù„ØØ§Ù…Ù„ لمشروع وأن الدولة هي اليد أو الآلة التي تعين ال٠رد على تØÙ‚يق مشروعه.
ويضا٠أنه ٠ي برنامجه يضع الدولة كمستثمر بتخصيص ٥٠مليار يورو لمشروعات كبرى.. ٠الدولة سو٠تلعب دورا اقتصاديا هائلا أي ٠ي ظله سو٠يتم انجاز ليبرالية دولة.
أما الكاتب "أليكسي ٠انتراي" ٠يرى أنه "اشتراكي اجتماعي" أو بدقه ٠هو "خطوة يساري Ù†ØÙˆ قبول اقتصاد السوق". ٠لديه المساواة الليبرالية هي ØÙ‚ كل شخص Ù ÙŠ التمتع Ø¨ØØ¸Ù‡ ويرمي ليس Ù„Ù…Ù†Ø Ù Ø±ØµØ© للجميع ولكن لمن لا يملكون ٠رصة بسبب عاهة او تجريم عنصري او غيره.
وترى Ø§Ù„Ø¨Ø§ØØ«Ø© "سبيراتا دومتري" أنه "ليبرالي عدالي". ٠هو يتكلم عن ٠رنسا التي يجب أن تكون ØØ¸Ø§ للجميع. وبشكل مكمل يتكلم عن Ù…Ù†Ø Ù…Ø³Ø§Ø¹Ø¯Ø© Ù„Ø£ØµØØ§Ø¨ الاعمال الذين يوظ٠ون عمالة جديدة او للمعلم الذي يقبل العمل Ù ÙŠ مدارس المناطق الصعبة اجتماعيا لكثا٠ة تواجد المهاجرين وال٠قراء. وكذا هناك ØØ±Øµ للمساواة بين الرجل والمرأة Ù ÙŠ كل المجالات.
٠جرت الانتخابات الرئاسية الاخيرة تلك القضايا لدى كثير من الم٠كرين ومنهم "رجيس دوبريه" الذي يرى Ù ÙŠ الرئيس الجديد نموذجا أمريكيا بينما يقول الم٠كر "إدجار موران" أن العقبة الأولى هي البرلمان المقبل وتشكيله وهل سيكون مواليا للرئيس أم لا والعقبة الثانية هي الرئيس ن٠سه وهل لديه المقدرة للوعي بمشاكل الواقع ومواجهتها بشكل جيد. بينما ترى Ø§Ù„Ø¨Ø§ØØ«Ø© "مونيك بينسون – شارلو" أن الرئيس الجديد هو ملياردير. ٠ما ÙŠØØ¯Ø« Ù ÙŠ ٠رنسا مماثلا لوصول الرئيس الامريكي "دونالد ترامب" للرئاسة وكما كان Ø§Ù„ØØ§Ù„ Ù ÙŠ ايطاليا مع رئاسة "بيرولسكوني". ربما ليس ثريا بذات الدرجة إلا أن من يسنده ÙˆÙŠØªØØ¯Ø« باسمهم هم أثرياء أوروبا والشركات الكبرى ٠هو توجه Ù†ØÙˆ الخصخصة وانتهاء القطاع العام. ٠رأس المال Ø£ØµØ¨Ø "Ø³Ù„Ø§Ø ØªØ¯Ù…ÙŠØ± شامل". ويرى الم٠كر "ميشيل أن٠وري" أن "ماكرون" هو خادم لرأس المال ولأوروبا التي تأخذ لديه الأولوية قبل ٠رنسا.
إن البرنامج المعلن للرئيس "إيمانويل ماكرون" يتضمن الكثير من المآخذ لعل أهمها هو دوام العلاقة ال٠رنسية مع ØÙ„٠شمال الاطلسي ومشاركة ٠رنسا للدور العدواني للولايات Ø§Ù„Ù…ØªØØ¯Ø©. وعلى صعيد السياسة الداخلية يؤخذ عليه التراجع عن مكاسب اجتماعية واقتصادية ثمرة نضال أجيال من المواطنين تتعلق بØÙ‚وق العمال. هذا التراجع يشكل مظهرا من مظاهر اليبرالية الجديدة التي ØªÙ…Ù†Ø Ø£ØµØØ§Ø¨ الأعمال ن٠وذا دون ØØ¯ÙˆØ¯ لطرد العاملين.
ولكن المظهر الأكثر خطورة ويضرب الديمقراطية التمثيلية Ù ÙŠ مقتل هو ما أعلنه "ماكرون" عن الكي٠ية التي سو٠تن٠ذ به الØÙƒÙˆÙ…Ø© المسار الذي أعلن عنه ØªØØª بند اعادة التكوين للنظام أو الاصلاØ. إذ يعتمد Ù ÙŠ ذلك على ØÙ‚ الØÙƒÙˆÙ…Ø© Ù ÙŠ ٠رض "روشتة" لوضع القوانين وتمريرها دون مناقشة Ù ÙŠ البرلمان وكذا اللجوء لما يسمى "Ø·Ø±Ø Ø§Ù„Ø«Ù‚Ø© Ù ÙŠ الØÙƒÙˆÙ…Ø©" ل٠رض القانون الذي تشاء دون اعتراض من البرلمان. تلك السياسة هي لتمرير قرارات الØÙƒÙˆÙ…Ø© على البرلمان باللجوء للمادة ٣٨ من الدستور غير أن استخدامها لم يكن يتم Ù ÙŠ الماضي البعيد إلا بشكل استثنائي ولكن هذا الاستخدام تزايدت وتيرته منذ تسعينيات القرن الماضي Ù ÙŠ ظل ØÙƒÙˆÙ…ات Ø§Ù„ØØ²Ø¨ الاشتراكي أو الØÙƒÙˆÙ…ات اليمينية ثم تضاع٠مرتين ونص٠المرة استخدام هذه الآلية وبشكل مل٠ت Ù ÙŠ السنوات Ù¢Ù Ù Ù¤- ٢٠١٣.
المغزى السياسي لهذه الآلية له أهمية خاصة إذ يعني تجاوز السلطة التن٠يذية لكل من البرلمان ومجلس الشيوخ و٠رض إرادة سياسية ٠وقية على الإرادة المنتخبة شعبيا. ولذا ٠إن هيمنة برلمان بأغلبية تابعة للرئيس إذا تم ٠ي شهر يونيو القادم يعني تمرير كل السياسات بدون معارضة.
هذه التطورات تخص مسألة الدولة الرأسمالية والديمقراطية ومستقبلها نرى تصورا مبكرا به تنبأ به الم٠كر « نيكوس بولنتازاس »، Ù ÙŠ ØÙˆØ§Ø± معه قبل شهرين من و٠اته Ù ÙŠ ١٩٧٩، لتنطبق على ٠رنسا اليوم إذ قال : « الدولة المتسلطة » يمكن أن تتجسد Ù ÙŠ النيوليبرالية ÙˆÙŠØµØØ¨ هذا الاضمØÙ„ال للديمقراطية التمثيلية Ù ÙŠ صورتها الكلاسيكية ولكن دون أن يصل بها Ø§Ù„ØØ§Ù„ لتتساوى مع ال٠اشية".
ÙˆÙ ÙŠ النهاية كان Ø§Ù„Ø¥ØØ³Ø§Ø³ الذي تولد لدي منذ انتخابات Ù¢Ù Ù Ù¢ هو أن المجتمع ال٠رنسي لا يمكن أن ØªØØ¯Ø« به ق٠زة وعي نوعي ما لم يمر بأزمة ØØ§Ø¯Ø© وصادمة. هذه الأزمة لم ØªØØ¯Ø« Ù ÙŠ هذا التاريخ Ø¨Ù†Ø¬Ø§Ø Ø§Ù„Ø¯ÙŠØ¬ÙˆÙ„ÙŠ "جاك شيراك" ولم ØªØØ¯Ø« Ù ÙŠ Ù¢Ù Ù¡Ù§ ب٠وز "إيمانويل ماكرون" وبالتالي سو٠تستمر السياسات النيوليبرالية Ù ÙŠ ظل تشاØÙ†Ø§Øª تقليدية بين القوى السياسية وتمزقات وتوا٠قات معتادة ØØªÙ‰ يأتي موعد انتخابات أخرى.
تØÙ…يل المقال من أس٠ل
عرض مباشر : مجلة الديمقراطية